كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 1)

قال ابن إسحاق: وحدثت أن ابنه سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعمر بن الخطاب وهو ابن عمه قالا لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنستغفر لزيد بن عمرو؟ قال: «نعم، فإنه يبعث أمة وحده» (¬1).
فانظر إلى هؤلاء الأربعة كيف أدركوا بعقولهم في الجاهلية أن قومهم ليسوا على شيء وأن الأوثان لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع ففارقوا ملة قومهم حينئذ، ولا يبعد أن يكون في العرب من فعل ذلك ووحد الله تعالى من غير اتباع شريعة، ولم ينقل إلينا حديثه.
وإذا صح لنا ذلك في واحد منهم ممن نقل إلينا أمره وهو قس بن ساعدة، فقد صح لنا به وجود هذا القسم الأول، وأما الأربعة المذكورون ما عدا زيد بن عمرو (فهم من أهل القسم الثاني الذي يأتي بعد هذا، وفيه نتكلم عن الثلاثة منهم.
وأما زيد بن عمرو) (¬2) فقد زاد على قُس بطلب دين إبراهيم واتباعه على قدر وسعه، واستفراغ جهده، وإن لم تكن هنالك ملة قائمة، ومن أجل هذا جعلنا زيد بن عمرو في هذا القسم.
¬_________
(¬1) السيرة النبوية (1/ 141).
ورواه أحمد (1/ 189) والبيهقي في دلائل النبوة (2/ 124) والطيالسي (234) والبزار (1268) والطبراني في الكبير (1/ 151) من طريق نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي عن أبيه عن جده.
ونفيل وهشام انفرد ابن حبان بتوثيقهما.
وقد تقدم قريبا قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يبعث أمة وحده»، من طرق صالحة.
(¬2) ما بين القوسين سقط من (ب).

الصفحة 432