كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 1)

وذكر البخاري (¬1) عن ابن عمر أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح (¬2) قبل أن ينزل على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الوحي فقدمت إلى (¬3) النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُفرة فأبى أن يأكل منها، ثم قال زيد: إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم ولا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه.
وإن زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم، ويقول: الشاة خلقها الله وأنزل لها من السماء الماء وأنبت لها من الأرض ثم تذبحونها على غير اسم الله، إنكارا (ق.85.ب) لذلك وإعظاما له (¬4).
فانظر إلى توفيق زيد بن عمرو رحمه الله في كل ما نسب إليه من الأفعال في زمن الفترة كيف وافق في ذلك الشريعة التي جاء بها محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيحق أن يأمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (¬5) بالاستغفار له، ويقول: إنه يبعث أمة وحده، من حيث كان مؤمنا على دين إبراهيم وحده من بين قومه قريش.
وذكر المسعودي زيد بن عمرو في كتاب (¬6)، وقال: إنه لما سار إلى الشام فبحث (¬7) عن الدين سمته النصارى فمات بالشام، وقد تقدم لابن إسحاق خلاف هذا، وهو أن لخما قتلوه ببلادهم.
¬_________
(¬1) رواه البخاري (3614 - 5180) وأحمد (2/ 68 - 89 - 127) والبيهقي في السنن (9/ 249) والدلائل (2/ 120 - 122) عن ابن عمر.
(¬2) هو واد قبل مكة من جهة المغرب، كما في معجم البلدان (1/ 480).
(¬3) في (ب): على.
(¬4) سقط "له" من (ب).
(¬5) في (أ): - عليه السلام -.
(¬6) مروج الذهب (1/ 56).
(¬7) في (ب): يبحث.

الصفحة 435