كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 1)

فانظر إلى أبي بكر - رضي الله عنه - (¬1) كيف أشرب الإيمان قلبه حتى صار يصدق النبي - عليه السلام - في الشيء الذي ينقله أهل الشرك عنه من غير أن يسمعه هو منه.
ولصدقه وتصديقه للنبي - عليه السلام - سمي بالصديق، ويدل على صدق إيمانه وقوة عزمه في الدين أمور:
أحدها: إسلامه أول المبعث من غير (توقف منه لجودة قريحته، واستحكام بصيرته، ذكر ابن إسحاق (¬2) أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقول: «ما) (¬3) دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت فيه عنده (¬4) كبوة (¬5) ونظر وتردد، إلا ما كان من أبي بكر بن أبي قحافة، ما عَكَم عنه حين ذكرته له وما (¬6) تردد فيه».
وقوله: «ما عكم عنه» أي ما تلبث فيه (¬7).
ثم إن أبا بكر لما أسلم أظهر إسلامه فيما قال ابن إسحاق (¬8) وجعل يدعو إلى الإسلام من وثق به من قومه، فأسلم بدعائه عثمان بن عفان والزبير
¬_________
(¬1) سقط الترضي من (ب).
(¬2) السيرة النبوية (1/ 157).
(¬3) ما بين القوسين بياض في النسخة (أ)، وأتممته من النسخة (ب).
(¬4) من (ب).
(¬5) في النسخة (أ): كقوة، وفي النسخة (ب) كبوة، وهو الصواب.
(¬6) كذا في النسخة (أ)، وفي النسخة (ب): فما.
(¬7) قال ابن منظور في لسان العرب (9/ 344) بعد أن ذكر هذا الحديث: أي ما تحبس وما انتظر ولا عدل.
(¬8) السيرة النبوية (1/ 157).

الصفحة 57