كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 2)

الإيمان بإرشادهم وتنبيههم، لأن المعرفة بالله قد فطرهم عليها، فهي مركوزة في طباعهم، فإذا نُبهوا عليها تنبهوا بالقبول (¬1) الذي جُعل في نفوسهم.
وقوله سبحانه: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30] الخلق هو الفعل، وهو مصدر خلق، ومعنى الكلام: لا تبديل لخلق الله في الفطرة لأنه فطر الناس عليها كما شاء في أزليته.
ويحتمل أن يكون الخلق بمعنى المخلوق، أي: لا تبديل لمخلوق الله المفطور على هذه الصفة.
ثم قال تعالى: {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم: 30] أي: المعرفة بالله وإخلاص العمل له هو الدين القيم، كما قال: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} ... [البينة: 5] إلى قوله: {وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5].
وقوله: {وَلَكِنَّ أَكَثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 30]. أي: أكثر الناس الذين لا معرفة لهم بالله للطوارئ التي طرأت عليهم لا يعلمون ما هو الدين القيم.
وقوله تعالى: {مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ} [الروم: 33] يعود على أول الكلام، وهو حال من قوله {فَأَقِمْ وَجْهَكَ} [الروم: 30]، على أن تكون الأمة داخلة مع النبي - عليه السلام - في هذا الأمر (¬2).
¬_________
(¬1) في (ب): بالقول، وهو خطأ.
(¬2) تفسير القرطبي (14/ 30).

الصفحة 686