كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 2)
فقلنا معنى ذلك يرجع إلى كتب الشقاوة، كما جاء في الحديث أن العبد تكتب شقاوته وسعادته في بطن أمه (¬1).
والطبع هو الختم, يقال: طبعت الكتاب إذا ختمته (¬2) , فكأنه طبع على الغلام وختم على عمره بما قُضي عليه من عدم الإيمان لو بلغ حد التكليف (¬3) كما قال تعالى في من قضى عليه بأن لا يؤمن: {بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} [النساء: 155].
ومعنى كتب الشقاوة له مع كونه لم يدرك حد التكليف أن يكون الله تعالى يأمر الملك الموكل بالرحم أن يكتبه شقيا إن بلغ حد التكليف، والله تعالى يعلم أنه لا يبلغه, كما قال تعالى: {يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} ... [الرعد: 39] , معناه يمحو الله ما يشاء ويثبت في الصحف التي بيد الملائكة، وأما ما عنده سبحانه فمفروغ منه, وذلك بحسب سابق علمه فيه (¬4). (ق.138.أ)
¬_________
(¬1) رواه البخاري (312 - 3155 - 6222) ومسلم (2646) عن أنس.
ورواه مسلم (2644 - 2645) عن حذيفة بن أسيد.
(¬2) الصحاح للجوهري (3/ 534) وتهذيب اللغة للأزهري (2/ 110) ولسان العرب لابن منظور (8/ 118 - 119).
(¬3) قال النووي في شرح مسلم (16/ 208): وأما غلام الخضر فيجب تأويله قطعا، لأن أبويه كانا مؤمنين فيكون هو مسلما، فيتأول على أن معناه أن الله أعلم أنه لو بلغ لكان كافرا، لا أنه كافر في الحال، ولا يجري عليه في الحال أحكام الكفار والله أعلم.
(¬4) اختلف في معنى الآية كما في تفسير القرطبي (9/ 329 فما بعد) وابن كثير (2/ 520 - 521) وابن جرير (7/ 399).
وأظهر الأقوال ما قال المصنف.