كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 2)
وهكذا قول الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [العنكبوت: 57]، لا يمكن تخصيصه أيضا, إذ هو عام في الإنس والجن والملائكة وسائر الحيوان، ومثل ذلك قوله: {كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ} [الأنبياء: 93].
وأما قول الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدّثر: 38]. وقوله: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: 21]، فهو عام فيمن قصد به, وهم أهل التكليف.
ولا يقدح في ذلك كون المجانين والصبيان لا يدخلون فيه، لأنهم لم يقصدوا بهذا الكلام لدليل دل عليه, وهو أنهم غير مخاطبين بالشريعة ولا مكلفين العمل بها. (ق.139.أ).
وأما الحديث فقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها» (¬1).
فأخبر أن جميع الناس يبيعون أنفسهم وقسمهم إلى قسمين في الآخرة: من يعتق نفسه ومن يهلكها، وقد استغرق بذلك جميع المكلفين من بني آدم.
¬_________
(¬1) رواه مسلم (223) والترمذي (3517) وابن ماجه (1/ 102) وأحمد (3/ 321) (5/ 342 - 343) وابن حبان (844) وأبو عوانة (1/ 190) والدارمي (658) والبيهقي (1/ 42) والطبراني في الكبير (3/ 284) عن أبي مالك الأشعري.