كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 2)

وهذه هي عادة العرب، فإنهم إذا (¬1) جاءوا بلفظة كل (¬2) التي تعطي العموم عندهم, فاعترضها ما ينقض ذلك عليهم جاءوا بحرف الاستثناء، فاستثنوا ما شاءوا كما قال الشاعر:
وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان

وقال الآخر (¬3):
وكل مصيبات الزمان وجدتها ... سوى فرقة الأحباب هينة الخطب

ومثال ذلك من حديث النبي - عليه السلام -، قوله: «كل ابن آدم تأكله الأرض إلا عجب الذنب». (¬4)
ألا ترى أن النبي - عليه السلام - استثنى عجب الذنب مما تأكله الأرض، وبقي ما عداه من أجزاء الإنسان داخلا فيما تأكله الأرض.
فقد تبين بما ذكرناه أن لفظة "كل" إنما وضعت للعموم، وظهر بذلك أن قوله - عليه السلام -: «كل مولود يولد على الفطرة»، عام في جميع ولد آدم.
¬_________
(¬1) في (ب): إذ.
(¬2) من (ب).
(¬3) في (ب): آخر.
(¬4) رواه البخاري (4651) ومسلم (2955) وأبو داود (4743) والنسائي (2077) وابن ماجه (4266) وأحمد (2/ 322 - 428 - 429) ومالك (565) وابن حبان (3138 - 3139) والطبراني في الأوسط (783) وأبو يعلى (6291) عن أبي هريرة.

الصفحة 707