كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 2)

فصل

(تفسير: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ... [الذاريات: 56]) (¬1)
ومن الدليل على تعميم بني آدم كلهم في الفطرة قول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ... [الذاريات: 56].
فإن هذه الآية في معنى الحديث المتقدم، على ما نختاره، وندل عليه، وإن كان في الآية خلاف بين أهل التفسير، إذ حملها بعضهم على الخصوص فنزلها على من (¬2) سبق في علم الله أنه يعبده، فيكون من أهل الإيمان (¬3).
وحملها آخرون على العموم في جميع الجن والإنس (¬4)، ثم اختلفوا في تأويلها بعد القول بتعميمها على ما نذكره:
فأما من قال: إن الآية خاصة، فحمله على ذلك أمران:
أحدهما: أنه رأى أن الآية لو كانت عامة للزم أن يوجد جميع الصنفين عابدين لله تعالى, ومعلوم أن الكفار لا يعبدون الله لعدم إيمانهم به، فصح عنده أن الآية خاصة بالمؤمنين.
¬_________
(¬1) هذا العنوان زيادة مني.
(¬2) في (ب): ما.
(¬3) حكاه القرطبي (17/ 55) وقال: والمعنى: وماخلقت أهل السعادة من الجن والإنس إلا ليوحدون.
وبه فسر البخاري الآية في صحيحه (4/ 1837).
(¬4) قاله ابن عباس وزيد بن أسلم. كما في تفسير ابن جرير (11/ 475) والدر المنثور (7/ 624 - 625).

الصفحة 711