كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 2)

وقال أبو عبيدة: معنى الآية: فأنا أول الجاحدين (¬1)، من عبد إذا جحد، وحكى: فلان عبدني حقي أي: جحدني.
وقد قيل: إن العبادة تبقى في هذه الآية على أصلها، ويكون معنى الآية: قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول من يعبد الله على أنه واحد لا ولد له (¬2).
وهذه الوجوه التي ذكرناها في عبد (¬3) لا يصلح منها في الآية المتقدمة إلا ما هو بمعنى العبادة فقط.
ولنرجع إلى ذكر ما بقي من الأقوال فيها فنقول:
قيل في التفسير أيضا: إن معناها: وما خلقت الجن والإنس إلا ليقروا لي بالطاعة طوعا أو كرها، والكره: ما يرى فيهم من أثر الصنعة، قاله صاحب التحصيل، وقال روي معنى هذا عن ابن عباس (¬4).
وهذا القول إنما لاحظ قائله به قوله تعالى: {وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [الرعد: 15] فالذي يسجد طوعا هم المؤمنون، والذي يسجد كرها هم (ق.141.ب) الكفار، ومعنى سجودهم تذللهم لله تعالى.
¬_________
(¬1) وحكاه البخاري في صحيحه (4/ 1821).
(¬2) قاله أبو صخر وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم كما في تفسير ابن كثير (4/ 136).
(¬3) في (ب): لفظة عبد.
(¬4) رواه ابن جرير (11/ 476) وابن أبي حاتم، كما في الدر المنثور (7/ 624) واختاره ابن جرير.

الصفحة 716