كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 2)

الباب الأول: في وجود الجن وكونهم من أهل العقل والتمييز
وجود الجن في العالم ليس ممتنعا في العقل، بل هو من قبيل الجائزات، فإذا وردت النصوص بخلقهم وإيجادهم تخصص وجودهم بدلا من (¬1) عدمهم، فوجب التصديق بهم والوقوف عند ما ورد فيهم، وتلك النصوص مستفادة من القرآن والحديث:
قال الله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} [الرحمن: 14 .. 15].
وقال: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56].
ولوجود الجن في العالم خاطبهم الله تعالى كما خاطب الإنس، فقال في غير موضع من كتابه العزيز: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ} [الرحمن: 33]، ثم أخبر تعالى عن الجن بأنهم يوسوسون في صدور الناس، وأمر بالاستعاذة من شرهم، وكذلك أمر بالاستعاذة من الشيطان عند قراءة القرآن، وقال لنبيه - عليه السلام -: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ
¬_________
(¬1) في (ب): عن.

الصفحة 732