كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 2)
وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ} [فصلت: 25].
ومعنى الآية أنه تعالى قيض للمشركين، أي: سبب لهم قرناء من الشياطين يزينون لهم ما بين أيديهم من اللذات في الدنيا، وما خلفهم من التكذيب بالآخرة وما فيها من الثواب والعقاب (¬1).
وقيل: في الآية عكس هذا وهو أن ما بين أيديهم هو التكذيب بأمور الآخرة، وما خلفهم هو رغبتهم في الدنيا وحرصهم عليها (¬2).
وقال الحسن: قوله: {مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} [فصلت: 25]: هو حب ما كان عليه آباؤهم من الشرك وتكذيب الرسل، {وَمَا خَلْفَهُمْ} [فصلت: 25]: تكذيبهم بالبعث وما بعده.
وقوله: {وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} [فصلت: 25]، أي: وجب عليهم من العذاب مثل ما وجب على أمم قبلهم من الجن والإنس بكفرهم وعملهم مثل عملهم (¬3).
وقيل: "في" بمعنى مع، فيكون معنى الآية: إنهم داخلون مع الأمم الكافرة قبلهم من الجن والإنس فيما دخلوا فيه (¬4).
¬_________
(¬1) نقله ابن جرير (11/ 103) عن السدي، واختاره.
ورواه ابن المنذر عن ابن جريج كما في الدر المنثور (4/ 1817).
(¬2) قاله ابن عباس، كما في تفسير القرطبي (15/ 355).
(¬3) انظر تفسير الطبري (24/ 111) والقرطبي (15/ 355).
(¬4) انظر القرطبي (15/ 355).