كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 2)
وفي هذا دليل على تكليف الصنفين في المدد الخالية، وبذلك استحق من لم يؤمن منها أن يوصف بالخسران.
ومن ذلك أيضا قول الله تعالى: {وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ} [الأنعام: 128].
وموضع (¬1) الدليل من هذه الآية أن هذا القول يقال للجن في القيامة فيذكر الإنس (¬2) استمتاع بعضهم من بعض في الدنيا، وقد تقدم أن ذلك الاستمتاع كان في الجاهلية، ثم قال الله للصنفين: {النَّارُ مَثْوَاكُم} [الأنعام: 128]، فقضى عليهم بالنار بهذه الأفعال التي فعلوها قبل الإسلام مع الكفر اللازم لهم.
ومن ذلك أيضا قول الله (ق.147.ب) تعالى: {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ} [الأعراف: 38]، وهذه الآية يخاطب بها الكفار في القيامة.
يدل على ذلك أن قبلها ذكر الكفار إلى أن قال متصلا بها: {وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} [الأعراف: 37].
فإن كان الكفار المذكورون هم الكفار بالأنبياء المتقدمين وبشرائعهم فقد أمروا أن يدخلوا النار مع أمم قد تقدمتهم من الجن والإنس.
¬_________
(¬1) في (ب): موضع.
(¬2) في (ب): الإنسان، وهو خطأ.