كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 2)
فصل
ومن الدليل أيضا على ما قلناه ما تضمنته سورة الرحمن، ونحن نتكلم على ما يمس غرضنا منها فنقول: إن فيها: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} [الرحمن: 14 - 15].
فأخبر أن الأناسي من بني آدم والجن خلقهم مما ذكر، والألف واللام للجنس المستغرق للصنفين المذكورين.
وهذان الصنفان هما المخاطبان بقوله المردد (¬1) في هذه السورة: {فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: 23].
يبين ذلك اتصاله بالآية المتقدمة، ثم اتصاله بقوله: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ} [الرحمن: 31]، يعني الإنس والجن، ثم اتصاله (ق.149.ب) بقوله: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ} [الرحمن: 33]، الآية، ثم اتصاله بقوله: {فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن: 39].
ومما يؤكد ذلك أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (¬2) قرأ السورة على الجن وبلغها إليهم كما قرأها على صحابته من الإنس (¬3) وبلغها إليهم، ليتساوى الصنفان المخاطبان بهذه السورة في ذلك.
¬_________
(¬1) في (ب): المكرر.
(¬2) في (أ): - عليه السلام -.
(¬3) في (ب): الصحابة من بني آدم.