كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 2)

[الجن:15]، وهم الشياطين الذين قال الله فيهم: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ} [الملك: 5].
وقد استقرينا القرآن والحديث فوجدنا لفظ الشيطان والشياطين كأنه إنما يطلق على الكفار من الجن.
وذلك موافق لمن قال من أهل اللغة: إن الشيطان مشتق من قولهم: بئر شطون، إذا كانت بعيدة القعر (¬1)، فكأن الكافر من الجن لما يئس من رحمة الله وبعُد عنها سُمي شيطانا لذلك.
وهكذا إذا أُطلق على من يطلق عليه من بني آدم بأنه شيطان إنما هو لبعده من الخير. قال الله تعالى: {شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ} [الأنعام: 112].
وقال جرير:
أيامَ يدعونني (¬2) الشيطان من غَزَلي ... وكن يهوينني إذ كنتُ شيطانا

يعني إذ كان في حال الجهالة باتباع الهوى والبعد عن الخير.
وأما لفظ الجن فيطلق على المؤمنين منهم والكفار، قال الله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ} [الأحقاف: 29] وقال: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ} [الجن: 1].
وهذا ورد في المؤمنين.
¬_________
(¬1) قال ابن منظور في اللسان (7/ 120): وبئر شطون: بعيدة القعر في جرابها عود، ورمح شطون: طويل أعوج، وشطن: بعد.
(¬2) في (ب): تدعونني.

الصفحة 783