كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 2)

ثم قال: إنهم خرجوا من عند أنس فأتوا الحسن بن أبي الحسن البصري فزادهم في هذا الحديث: إن أنسا حدثهم به عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفيه: «ثم أرجع إلى ربي في الرابعة فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدا فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك، وسل تعطه واشفع تشفع، فأقول: يا رب إيذن لي فيمن قال: لا إله إلا الله، قال: ليس ذلك لك، أو قال ليس ذلك إليك، ولكن وعزتي وكبريائي لأخرجن من النار من قال لا إله إلا الله»، وذكر باقي الخبر (¬1).
وقد جاء من طريق (¬2) ثابتة مجيء التواتر.
ففي هذا بيان المقادير التي جعلها الله تعالى سببا لخروجهم من النار بالشفاعة على حسب مآلهم منها تفضلا من الله عز وجل، إذ جعل ما اكتسبوا من الخير وعملوه مما قد كان الله تعالى هو الموفق له، والمعين عليه، والمهيئ لآلات الاكتساب له، سبيلا إلى الفوز والنجاة، تغمدا منه برحمته لهم، كما شاء لا إله إلا هو.
وفيه أن تلك المقادير المذكورة من مثقال برة وذرة إنما هي مما سوى الإيمان، الذي هو قول لا إله إلا الله، لكن من سائر الأعمال التي تسمى إيمانا أيضا، لقوله تعالى فيمن قال لا إله إلا الله، وليس له غيرها: «ليس ذلك لك».
¬_________
(¬1) تصرف الشيخ في النقل، فبين نقله وما في صحيح مسلم فروق.
(¬2) كذا في النسختين، ولعل الصواب: طرق.

الصفحة 813