كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 2)

مقتضى لفظها بالدعوى، وتحريفا للكلم عن مواضعه بلا برهان، وهذا لا يجوز.
وأما قوله عز وجل: {فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً} [الكهف: 105] فليس نفيا للموازنة، لأن كلام الله لا يتعارض، وإنما هو أنه لا تثقل موازينهم بل تخف، إذ ليس فيها التصديق الذي هو العقد والقول الذي لا يصح عمل صالح إلا به، إلا أنهم يختلفون في مقدار المعاصي، وفي (¬1) كيفية العذاب في شدته (¬2) ونقصانه على حسب معاصيهم، وهم مخلدون في النار أبدا، ولا يجازون بما لم يعملوا ولا كانوا سببا لعمله، ففي هذا يتفاضلون في العذاب.
وقد بين الله عز وجل بقوله: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: 145].
والأسفل بلا شك من باب الإضافة، ويقتضي ولا بد أعلى منه في نوعه.
وأخبر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بما خُفف عن أبي طالب (¬3) بأنه لم يؤذ قط رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأما أعمالهم الصالحة فمُحبَطة بنص القرآن لا يُجازون عليها في الآخرة أصلا قال الله تعالى: {َوقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً} ... [الفرقان: 23].
¬_________
(¬1) في (ب): في.
(¬2) في (ب): سدته.
(¬3) سيأتي تخريجه.

الصفحة 823