كتاب تحرير المقال في موازنة الأعمال وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل (اسم الجزء: 1)

الأحكام، وإن كنا نعلم قطعا من عقيدة أهل الإسلام أن الأنبياء الآن عند الله تعالى في مقام رفيع ومحل شريف، كما قال - عليه السلام - عند وفاته: «اللهم الرفيق الأعلى». (¬1)
ففي الممكن أن يكون ذلك في الجنة أو يكون في غيرها، فإن مقدورات الله تعالى (¬2) لا نهاية لها.
وظاهر الجنة أنه موضع استقرار آخر الأمر بعد الحساب والعقاب، ولذلك جاء في الحديث أنه - عليه السلام - أول من يقرع باب الجنة يوم القيامة فيقول له خازن الجنة: أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك.
وإذا ثبت أن السماء غير الجنة (ق.16.أ) بما قدمناه من ظاهر الشرع فسيلزم الحميدي أن يكون الأنبياء ليسوا الآن في الجنة، بقوله: (ومن المحال أن يكونوا في مكانين مختلفين في وقت واحد)، وهو قد جعل أصله حديث الإسراء، حيث رآهم النبي - عليه السلام - في السماوات.
وأما احتجاجه بقول الله (¬3) تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً} [آل عمران: 169]، فليس فيه من الجلاء ما يريده الحميدي.
¬_________
(¬1) رواه البخاري (3467 - 4172 - 4173 - 4174 - 4184 - 4186 - 4194 - 5988 - 6144) ومسلم (2444) وأحمد (6/ 48 - 74 - 89 - وغيرها) وابن حبان (6591 - 6617 - 7116) والحاكم (6720) وعبد الرزاق (5/ 436) والطبراني في الكبير (23/ 31 - 32) والأوسط (3639 - 6887) والطيالسي (1404) وأبو يعلى (4459 - 4584 - 4585) وغيرهم عن عائشة.
(¬2) من (ب).
(¬3) في (ب): بقوله.

الصفحة 97