كتاب حقيقة المثل الأعلى وآثاره

فإنه يلزم مقالة التعطيل على وجه العموم لوازم كثيرة، منها:
1 - سلب كمال الرب، ووصفه بالنقائص والعيوب، ويلزم غلاتهم جحد الصانع ونفيه، وتشبيهه بالجمادات أو المعدومات أو الممتنعات!.
2 - سوء الظن بربهم، وبكتابه وبنبيه، وبأتباعه، فسوء ظنهم بربهم أفضى بهم إلى تعطيل صفات كماله، وقد جعل الله إنكار الصفات من سوء الظن به، قال تعالى: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [فصلت: 22، 23].
وسوء ظنهم بالقرآن والسنة أفضى بهم إلى توهم أن ظاهرها إنما يدل على التمثيل، وهو كفر ضلال يستحيل أن يكون مراد الله ورسوله، ولهذا عزلوا الوحي عن معرفة الرب، وعطلوا أدلة صفات الكمال، واختلقوا دعوى تعارض العقل والنقل!.
أما سوء ظنهم بالرسول - صلى الله عليه وسلم - فلأنه في زعمهم كان يتكلم بنصوص الصفات، ويقررها، ويؤكدها، دون أن يُبَيِّنَ للأمة أن الحق فيما يخالف ظاهرها. وهذا يستلزم القدح في علم الرسول، أو بيانه، أو نصحه، أو جميع ذلك!.
وأما سوء ظنهم بأتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلأنهم كانوا يرددون ألفاظا لا يفقهون تأويلاتها، ولهذا قالوا: إن طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعم وأحكم! (¬1).
¬_________
(¬1) انظر: الصواعق المرسلة لابن القيم 4/ 1232 - 1236، مدارج السالكين 3/ 347، 360، شرح النونية لأحمد بن عيسى 1/ 506، 507.

الصفحة 101