كتاب حقيقة المثل الأعلى وآثاره
{فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الروم: 50]، وقال: {وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ} [ق: 11]، وقال: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فصلت: 39]. يقول ابن القيم: "جعل الله سبحانه إحياء الأرض بعد موتها نظير إحياء الأموات، وإخراج النبات منها نظير إخراجهم من القبور، ودل بالنظير على نظيره، وجعل ذلك آية ودليلا على خمسة مطالب:
أحدها: وجود الصانع، وأنه الحق المبين، وذلك يستلزم إثبات صفات كماله وقدرته وإرادته وحياته وعلمه وحكمته ورحمته وأفعاله.
الثاني: أنه يحيي الموتى.
الثالث: عموم قدرته على كل شيء.
الرابع: إتيان الساعة وأنها لا ريب فيها.
الخامس: أنه يخرج الموتى من القبور كما أخرج النبات من الأرض" (¬1).
2 - قوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَا يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آَخَرِينَ} [الأنعام: 133]، فقاس النظير على النظير، وبَيَّنَ أن القدرة على إذهاب المخاطبين كالقدرة على إذهاب السابقين، فإذا ساووهم
¬_________
(¬1) إعلام الموقعين 1/ 143، 144، وانظر من نفس المصدر: ص139، 142، 146.
الصفحة 107
152