كتاب حقيقة المثل الأعلى وآثاره
على أعيان الصفات نفيا وإثباتا، ومن ذلك الأمور التالية:
1 - وجوب الإثبات بلا تمثيل والتنزيه بلا تعطيل، فقد استدلوا على هذا الأصل بمثالين من قياس الأولى:
أ - أن ما في الجنة من المطاعم والمشارب والمساكن وغيرها يوافق ما في الدنيا اسما ويخالفه حقيقة، فإذا كان المخلوق منزها عن مماثلة المخلوق مع توافق الاسم فالخالق أولى أن ينزه عن مماثلة المخلوق وإن حصل توافق في ألفاظ الصفات (¬1).
ب - أن الروح ثابتة لا يشك عاقل في وجودها، وقد وصفت في النصوص بصفات ثبوتية وسلبية، كالعروج والقبض، والعقول مع ذلك قاصرة عن تكييفها وتحديدها، لأنهم لم يشاهدوها أو يشاهدوا نظيرها، فإذا كانت صفات الروح ثابتة حقيقة دون تمثيل أو تعطيل فإن صفات الخالق أولى بذلك الإثبات، وإذا عجز الخلق عن إدراك كيفية صفات الروح فإن عجزهم عن إدراك صفات الخالق أولى (¬2).
2 - صفة العلو والمباينة: يؤمن أهل السنة والجماعة بصفة العلو، علو الذات والقدر والقهر، وأن الله مستو على عرشه بائن من خلقه، وأن علو الرب لا يناقض معيته، لأنها تعني مطلق المصاحبة من غير إشعار بمخالطة أو حلول، ولهم على ذلك أدلة كثيرة من جملتها قياس الأولى، ودلالتهم على ذلك من وجوه:
أ - أن العلو كمال مطلق، وكل ما كان كذلك فإن الله أحق به من كل موجود.
¬_________
(¬1) انظر: الرسالة التدمرية لابن تيمية ص46 - 51.
(¬2) المرجع السابق ص50 - 58.
الصفحة 116
152