كتاب حقيقة المثل الأعلى وآثاره

خطورة التعطيل وبطلانه:
مقالات الجهمية المعطلة من غلاة ومعتزلة وكلابية وأشعرية تغلط من أربعة أوجه:
الأول: أن النصوص المخالفة لأقوالهم كثيرة مستفيضة، وإنما يردونها بمثل تأويلات المريسي وابن فورك والرازي وغيرهم!.
الثاني: أن مقالاتهم تؤول إلى تعطيل الخالق وجحده بالكلية، وإن كان كثير منهم لا يعلم لازم قوله، ولهذا قال علماء السلف: إن حقيقة قولهم تعطيل الصانع، وسموهم معطلة لذلك، واتفقوا على ذمهم، والإنكار عليهم وعلى الممثلة، وكثر كلامهم في ذلك، وقالوا: إن مرض التعطيل أعظم من مرض التشبيه، لأن المشبه يعبد صنما، والمعطل يعبد عدما. يقول ابن تيمية: "لما كان مرض التعطيل أعظم كانت عناية الكتب الإلهية بالرد على أهل التعطيل أعظم، وكانت الكتب الإلهية قد جاءت بإثبات صفات الكمال على وجه التفصيل مع تنزيهه عن أن يكون له فيها مثيل، بل يثبتون له الأسماء والصفات، وينفون عنه مماثلة المخلوقات، ويأتون بإثبات مفصل ونفي مجمل، فيثبتون أن الله حي عليم قدير سميع بصير غفور رحيم ودود إلى غير ذلك من الصفات. ويثبتون مع ذلك أنه لا ند له ولا مثل ولا كفو له ولا سمي له، ويقول الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]. ففي قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} رد على أهل التمثيل، وفي قوله: {وَهُوَ

الصفحة 137