كتاب حقيقة المثل الأعلى وآثاره

الأغراض، يعني نفي الحكم والغايات المحمودة في خلق الله وأمره، ونفي الجهة أو الحد أو التحدد، يعني نفي العلو والاستواء على العرش ...... وهكذا معظم ألفاظهم ظاهرها يوهم التنزيه عن النقائص والعيوب والحاجة وباطنها يعني تعطيل ما ورد في النصوص من صفات الكمال، ولهذا توقف أهل السنة في هذه الألفاظ إثباتا ونفيا، وكشفوا ما في معانيها من إجمال يشمل الحق المقبول والباطل المردود، فالجهة مثلا وقفوا في لفظها إثباتا ونفيا، وقالوا في معناها: إن كان المراد بها شيء من المخلوقات فإن الله منزه عن هذا المعنى، لأن الله لا يحيط به شيء من مخلوقاته، وإن كان المراد بها ما فوق العالم فلا ريب أن الله عال على خلقه مستو على عرشه (¬1).
3 - أن طريقتهم في التنزيه تؤول إلى إنكار حقيقة الرب، واعتبار وجوده إما أمرا ذهنيا، أو وجودا حالا أو متحدا بالمخلوقات. يقول ابن تيمية رحمه الله: "مخالفو الرسل يصفونه بالأمور السلبية، ليس كذا، ليس كذا، فإذا قيل لهم: فأثبتوه، قالوا: هو وجود مطلق، أو ذات بلا صفات، وقد علم بصريح المعقول أن المطلق بشرط الإطلاق لا يوجد إلا في الأذهان لا في الأعيان، وأن المطلق لا بشرط لا يوجد في الخارج مطلقا، لا يوجد إلا معينا، ولا يكون للرب عندهم حقيقة مغايرة للمخلوقات بل إما أن يعطلوه، أو يجعلوه وجود المخلوقات، أو جزءها، أو وصفها" (¬2).
¬_________
(¬1) انظر: درء التعارض 2/ 10 - 13، الرسالة التدمرية كلاهما لابن تيمية ص65 - 69، الصواعق المرسلة لابن القيم 3/ 934 - 949.
(¬2) مجموع الفتاوى 6/ 38، وانظر: الرسالة التدمرية ص15، 16، 59 - 62.

الصفحة 35