كتاب حقيقة المثل الأعلى وآثاره

الصفات النفسية، وأوضح أنها جميعا دعاوى باطلة يخالفهم فيها وفيما بنوه عليها جمهور العقلاء (¬1).
وليس المقصود هنا استيفاء الكلام في نقد أصل المتكلمين في التنزيه، وإنما المقصود بيان أن أصلهم لم يحقق تنزيه الرب عن تلك النقائص التي افتراها اليهود وغيرهم، لا بل إنه أفضى بهم إلى نفي صفات الكمال الواردة في القرآن والسنة الثابتة، واعتبارها نقائص يجب أن ينزه الله عنها، لأن الرب لو اتصف بها لكان جسما، والجسم على الله محال، لما يدل عليه الجسم من الحدوث والافتقار والتشبيه!.
وهذا من أعظم الأدلة على فساد أصلهم في التنزيه، لأنه ينافي ما دل السمع والعقل على ثبوته، ولأنه أدى بأهله إلى النظر إلى أهل الحق وأهل الباطل بنظرة واحدة، والحكم عليهم بمقتضى أصل واحد، فصفات النقص التي افتراها اليهود، وصفات الحق التي أثبتها أهل السنة والجماعة كلها غير مقبولة عندهم، لما تؤدي إليه من التجسيم!! (¬2).

سادسا: التنزيه عن المثل:
ثبوت المثل الأعلى يدل على تنزيه الرب ـ تبارك وتعالى ـ عن
¬_________
(¬1) انظر: درء التعارض 4/ 134 - 202، 5/ 192 - 204، نقض التأسيس 1/ 280، 287، مجموع الفتاوى 5/ 419 - 430، 17/ 244 - 261.
(¬2) انظر: شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار ص226 - 231، أساس التقديس للرازي 70 - 127، شرح الجوهرة للبيجوري ص91 - 94، الرسالة التدمرية ص133.

الصفحة 39