كتاب حقيقة المثل الأعلى وآثاره

وما تفرد به الرب من صفات الكمال نوعان:
1 - صفات مختصة بالرب من كل وجه: كالخلق والعظمة والكبرياء، فمن ادعى هذا النوع، أو اعتقد أن غيره من الخلق مستحق له كان ممثلا مستحقا لوعيد المفترين. روى الإمام مسلم بسنده عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قال الله تعالى: العز إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني منهما شيئًا عذبته» (¬1)، وروى الإمام البخاري بسنده عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا: «أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله» (¬2).
2 - صفات يوصف بها العبد في الجملة ويختص الرب بكمالها: كالحياة والعلم والسمع والبصر، قال تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]، وقال: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: 166]، وقال: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58]، وقال في حق المخلوق: {وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} [آل عمران: 27]، وقال: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76]، وقال: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [الإنسان: 2]،
¬_________
(¬1) صحيح مسلم بشرحه للنووي: كتاب البر والصلة، باب تحريم الكبر 16/ 173.
والضمير في قوله: «إزاره ورداؤه» يعود إلى الله تعالى للعلم به، وفيه محذوف تقديره: قال الله تعالى: ومن ينازعني ذلك أعذبه. شرح صحيح مسلم للنووي 16/ 173.
(¬2) صحيح البخاري بشرحه فتح الباري، كتاب اللباس، باب ما وطئ من التصاوير 10/ 387، وانظر: صحيح مسلم بشرحه للنووي، كتاب اللباس، باب تحريم تصوير صورة الحيوان 14/ 88، 89.

الصفحة 42