كتاب حقيقة المثل الأعلى وآثاره

فمن ادعى ما اختص به الرب من هذا النوع، أو اعتقده في غيره من الخلق، أو أثبته للرب على نحو يماثل ما عليه الخلق كان ممثلا ضالا، مخالفا لما يستحقه الرب من التنزيه. ويدخل في هذه الجملة مقالات المشبهة التي مضمونها تشبيه الخالق بالمخلوق أو العكس، إما مطلقا أو من بعض الوجوه، كقول هشام بن الحكم الرافضي، وهشام بن سالم الجواليقي، وداود الجواربي ومن وافقهم من أوائل الشيعة وغيرهم بأن الله تعالى على صورة الإنسان في ذاته وصفاته، وكقول السبئية ومن وافقهم بالبداء، لأن البداء من خصائص علم المخلوق، وكقول غلاة الشيعة من الخطابية وغيرهم بألوهية الأئمة أو علي خاصة، وككثير من مقالات الرافضة والصوفية التي تتضمن وصف أئمتهم وأوليائهم بصفات لا تليق إلا بالله وحده، كالعلم المحيط والقدرة التامة، والغنى المطلق (¬1).
وكذلك فإن من أنكر شيئا مما اختص به الرب من صفات الكمال ظنا أن إثبات القدر المشترك بين الخالق والمخلوق يستلزم التمثيل فإنه ضال معطل لما يستحقه الرب من الكمال، ويدخل في هذه الجملة مقالات النفاة من الباطنية والجهمية محضة ومعتزلة وأشعرية وماتريدية (¬2).
¬_________
(¬1) انظر: مقالات الإسلاميين للأشعري ص31 - 36، 207 - 211، الفرق بين الفرق للبغدادي 65 - 70، 225 - 231، الفصل لابن حزم 5/ 40 - 41، 43، الملل والنحل للشهرستاني 1/ 105، 106، 184 - 487، منهاج السنة لابن تيمية 2/ 220، 501، 513، 529، 595، 623، الخطط للمقريزي 2/ 348، 357.
(¬2) انظر: مقالات الإسلاميين للأشعري ص155 - 171، الفرق بين الفرق للبغدادي ص114 - 202، 211 - 212، الملل والنحل للشهرستاني 1/ 43 - 86، درء التعارض لابن تيمية 2/ 3 - 156، الرسالة التدمرية لابن تيمية ص12 - 19، مقدمة ابن خلدون ص463 - 468، الخطط للمقريزي 2/ 356 - 361.

الصفحة 43