كتاب حقيقة المثل الأعلى وآثاره
فيهما، واختلاف الحقيقتين لا يخرجها عن كونها حقيقة فيهما، لأنها من الألفاظ المتواطئة أو المشككة، وهي موضوعة للقدر المشترك، والخصائص لا تدخل في مسماها عند الإطلاق والتجريد عن الإضافة، فإذا أضيفت لأحدهما دخلت الخصائص، وكان ظاهر ما أضيف للرب إنما يدل على ما يليق ويختص به، وظاهر ما أضيف للمخلوق إنما يدل على ما يليق ويختص به! (¬1).
وقد ترتب على ما اعتقده الممثلة والمعطلة من أن ظاهر نصوص الصفات التمثيل ثلاثة محاذير:
1 - الجناية على نصوص الصفات: وسوء الظن بكلام الله ورسوله، واعتقاد أن القرآن والحديث كله تشبيه وتمثيل، ومن ثم أبقاه الممثلة على ما توهموه، ونشأت الحاجة للتأويل أو تفويض المعاني عند المعطلة. يقول إبراهيم اللقاني:
وكل نص أوهم التشبيها
فأوله أو فوض ورم تنزيها (¬2)
2 - تعطيل نصوص الإثبات: عما دلت عليه من الصفات اللائقة بجلال الله، وذلك بصرف دلالتها إلى ما يماثل صفات المخلوق، أو نفيها توهما أنها معارضة بنصوص التنزيه عن المثل!.
3 - تعطيل الخالق عما يستحقه من صفات الكمال: ووصفه بدلا عنها بصفات المخلوقات عند الممثلة، أو بالصفات السلبية المحضة عند المعطلة، حتى آل أمر المعطلة إلى الوقوع في أعظم
¬_________
(¬1) انظر: الصواعق المرسلة لابن القيم 4/ 1511 - 1515.
(¬2) جوهرة التوحيد بشرح البيجوري ص91.
الصفحة 45
152