كتاب حقيقة المثل الأعلى وآثاره
الحق قدر هذه الحجة النيرة، والبرهان القوي، فإنك تحطم بها كثيرا من البدع، وتهشم بها رؤوسا من الضلالة، وترغم بها أنوف طوائف من المتكلمين" (¬1).
3 - قوله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4]، وقوله: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا} [البقرة: 22]، وقوله: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [مريم: 65]، فإن نفي الكفء والند والسمي وما في معناها يستلزم ثبوت جميع صفات الكمال المطلق على وجه التفرد، وفي هذا رد لمقالة التعطيل والتمثيل. يقول ابن القيم: "نفي الكفء والسمي والمثل عنه كمال، لأنه يستلزم ثبوت جميع صفات الكمال له على أكمل الوجوه، واستحالة وجود مشارك له فيها" (¬2).
والنصوص الدالة على بطلان مقالة التعطيل بخصوصها أكثر، فكل ما صرحت به النصوص من أعيان الصفات، أو أحكامها، أو الأسماء والأفعال الدالة عليها فإنها أدلة برهانية على بطلان مقالة التعطيل ـ تقدم ذكرها ضمن أدلة الكمال ـ!، وذلك لأن مرض التعطيل أعظم فكانت العناية بالرد على أهله أكثر، ولهذا بعثت الرسل بإثبات صفات الكمال على وجه التفصيل، ونفي مماثلة المخلوقات على سبيل الإجمال (¬3).
ومما يدل على تغلظ مقالات المعطلة ثلاثة أوجه:
1 - أن النصوص المخالفة لأقوال النفاة مستفيضة وإنما
¬_________
(¬1) فتح القدير 4/ 528، وانظر: درء التعارض لابن تيمية 6/ 348.
(¬2) الصواعق المرسلة 4/ 1369.
(¬3) انظر: درء التعارض لابن تيمية 6/ 348.
الصفحة 47
152