كتاب حقيقة المثل الأعلى وآثاره
المطلب الأول
معرفة الرب وعبادته
فطرة المعرفة والتوحيد:
معرفة الرب وتوحيده أعظم الحقائق المركوزة في فطر الناس أجمعين، فكل من سلمت فطرته من الاجتيال والتبديل فإنه سيذعن لا محالة لما يجده في داخله من الإيمان بوجود خالقه، والإقرار المجمل بمعاني ربوبيته، وكمال صفاته، واستحقاقه وحده للعبادة، قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30]، وروى الإمام البخاري بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا, قال المصطفى - صلى الله عليه وسلم: «ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه» (¬1)، وفي رواية لمسلم: «ما من مولود يولد إلا وهو على الملة» (¬2)، وفي رواية له أيضا: «إلا على هذه الملة» (¬3). يقول ابن تيمية: "الله سبحانه فطر عباده على محبته وعبادته وحده، فإذا تركت الفطرة بلا فساد كان القلب
¬_________
(¬1) صحيح البخاري بشرحه فتح الباري: كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه؟ وهل يعرض على الصبي الإسلام؟ 3/ 219، وانظر: صحيح مسلم بشرحه للنووي: كتاب القدر، باب كل مولود يولد على الفطرة 16/ 207.
(¬2) صحيح مسلم بشرحه للنووي: كتاب القدر، باب كل مولود يولد على الفطرة 16/ 210.
(¬3) المرجع السابق.
الصفحة 65
152