كتاب حقيقة المثل الأعلى وآثاره

3 - دليل المعجزات: فآيات الأنبياء وما يتبعها من نصر الرسل وأتباعهم، وإكرامهم بخوارق العادات، وإجابة الدعوات برهان حسي عقلي قاطع على إثبات الخالق وتوحيده وصدق رسله، قال تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا * قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ} [الإسراء: 101، 102]، أي حجج وأدلة تبصر بصدق ما يدعو إليه موسى من الإيمان بالله وتصديق رسوله، وآثار واضحة للإله الحق وصفاته وأفعاله: يقول ابن القيم: "هذه الطريق من أقوى الطرق وأصحها، وأدلها على الصانع، وصفاته، وأفعاله، وارتباط أدلة هذا الطريق بمدلولاتها أقوى من ارتباط الأدلة العقلية الصريحة بمدلولاتها، فإنها جمعت بين دلالة الحس (¬1)
والعقل، ودلالتها ضرورية بنفسها، ولهذا يسميها الله آيات بينات، وليس في طرق الأدلة أوثق ولا أقوى منها، فإن انقلاب عصا تقلها اليد ثعبانا عظيما يبتلع ما يمر به ثم يعود عصا كما كانت من أدل الدليل على وجود الصانع وحياته وقدرته وإرادته وعلمه بالكليات والجزئيات، وعلى رسالة الرسول، وعلى المبدأ والمعاد، فكل قواعد الدين في هذه العصا! وهكذا
¬_________
(¬1) هذا في حق من شاهدها، أما من غاب عنها فإنها في حقه من باب دلالة الخبر القاطع والعقل، والقطع بثبوت آيات الأنبياء يعلم بطرق متعددة، كذكرها في القرآن المقطوع بصحته، وكتواتر بعض آحادها تواترا عاما يعلمه العام والخاص، أو تواترا خاصا يعلمه العلماء، وكتواتر القدر المشترك بين آحادها تواترا عاما اتفقت على معرفته جميع الطوائف.

انظر: الجواب الصحيح لابن تيمية 6/ 324 - 380، الصواعق المرسلة لابن القيم 3/ 1196 - 1197.

الصفحة 69