كتاب نضرة البهار في محاورة الليل والنهار

والمسك الأذفر!
إن كنتُ عبداً فنفسي حرةُ كرماً ... أو أسود الخلَقْ إني أبيض الخُلِقٍ
وهل يزري بالخال سواده البارع، أو يغرى بالبرص بياضه الناصع، وفي بياض المشيب عبرة، فكم أجرى من الآماق أعظم عبرة،
له منظر في العين أبيض ... ناصع ولكنه في القلب أسود أسفع
ومن عاب نعت الشباب وفضل وصف الشيب فقد غاب عن شهود العيب وعالم الغيب، (فما كل بيضاء شحمة، ولا كل حمراء لحمة)، هذا وإن السواد حلية أهل الزهد والصلاح، وهل يسترق الأُسود إلا سود أحدق والقلب الطاهر، فإن تفاوت المراقب، بحسب تفاوت المناقب.
وما الحسن في وجه الفتى شرف له ... إذا لم يكن في فعله والخلائق
ألا وإن لي أخلاقاً، لو مزج بها البحر لعذب مذاقا، فإني أكتم الأسرار، وأعمي عيون الأشرار، وأريح الكرام الكاتبين، وأبيح الكرامة للطالبين، وكم أعددت للأنس مقاعد، وفي الأمثال (رب ساعٍ لقاعد)، فإن ظلي ظليل، ونسيمي عليل بليل، تهدؤ بي الأنفاس،

الصفحة 137