كتاب نضرة البهار في محاورة الليل والنهار

تدعي رتبة الكمال فهلا نَهاك نُهاك.
ومن البلية عزُل من لا يرعوي ... عن جهله وخطابُ من لا يفهمُ
وهب أنِّي واشٍ بالأسرار نمام، أو مرتكب في الأنام جميع الآثام، فلست أقود المعشًوق إلى العاشق، فأسترهما بردائي عن الرقيب والراشق، وقال مشيراً إلى ذلك، من سلكت به هاتيك المسالك.
بتنا على حال يسرِّ الهوى ... وربما لا يمكن الشرح
بوابنا الليل وقلنا له ... إن غبت عنا هجم الصبح
فوجم الليل لبراعة تلك العبارة، وبلاغة ما لاح له من الرمز والإشارة، ثم وثبت للمقال، كأنما أنشطُ من عِقَال، وقال: (رب ملوم لا ذنب له)، ومظلوم خيِّب الدهر أمله، فإليَ متى يسوءني النهار، وحتى متى يسومني عذاب النار، طالما أعرته أذنا صماء، وعينا عمياء، وهو لا ينثني عن لمقابلة، ولا يرعوي عن المحاربة والمقاتلة، ومن العجب أنه عد تحدثي بالنعمة إعجابا، وجعل تصدري في ديوان المآثر شيئا عُجابا، وصرح بوضع أحاديثي وهي متواترة باشتهار، وقد قيل (كلام الليل يمحوه النهار)،

الصفحة 140