كتاب نضرة البهار في محاورة الليل والنهار

ولما لاح ذنب السرحان في أفق المشرق، صاح متمثلا بقوله: (البلاء مُوَكلُّ بالمنطق)، فقام يعثرُ في ذيله، وقد كفكف واكف سليه، فما لبث أن تنفس الصباح، وأظهر من سناه ما أخفى ضوء المصباح، ورفرف بجناحه الأبيض على الدجى، فاقتنصه من وكره بعد ما سكن وسجى.
فكأن الصباح في الأفق باز ... والدجى بين مخلبيه غراب
وقال: تباً لك أيها الليل، فلقد أوتيت من المين أوفر نيل، أي حديث لك صحيح وضعته، وأي حق لك صريح أضعته؟
عليك بالصدق وله أنه ... أحرقك الصدق بنار الوعيد
وابغ رضا الله فأغبى الورى ... من أسخط المولى وأرضي العبيد
نعم لك في السمر خبرُ مرفوع، بيد أنه مكروه في السنة موضوع، فقد اشتهرت
بأقبح الأوصاف، وعدلت لكن عن سبيل العدل والإنصاف، تكتم عن المرء ما يرُديه، (وتخفى في نفسك ما الله مبديه) وفي المثل (الليل أخفى للويل)، فما أصعب مراسك قبل افترار سُهيل، وهل يترنم بذكرك إلا غافل؟! وأنَّي يغتر بك

الصفحة 141