كتاب المفاخرة بين الماء والهواء

وقد بان الصحيح من السقيم، والمنتج من العقيم، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم.
ثم انحدر من منبره، ووعينا ما سرده من مفخرة، وقال للماء: هات يا أبا الدأماء.
فعلا الماء بموجه، حتى صعد إلى ما انحط عنه الهواء من أوجه، ولولا الأرض تملكه لسال، لكنه تجلد وأقبل علينا وقال:
الحمد لله الذي خلق كل شيء، وجعل من الماء كل شيء حي، وأما بعد - فقد سمعت جعجعة ووعوعة، ظننتها صرير باب، أو طنين ذباب، باطل في صورة حق، وسراب إذا تأملته زال وانمحق، فاسمع أيها الهواء ما أتله من آيات فخري الشامل، وما أجلوه عليك من عقد فضلي الذي أنت منه عاطل، وقل جاء الحق وزهق الباطل، اعلم أو لا إن الدعوى قبيحة، وإن كانت صحيحة كما قيل:
وما أعجبتني قط دعوى عريضة ... ولو قام في تصديقها ألف شاهد
فكيف إذا كانت بالزخارف مموهة، فهي أقبح من الخلفة المشوهة، ولعمري لا يروج الدرهم المغشوش، وإن أحكموا فيه أنواع النقوش، ولا سيما إذا كان الناقد بصير، ولا ينبؤك مثل خبير، هذا وقد سردت ما

الصفحة 31