كتاب الصارم المنكي في الرد على السبكي

شك أن من قال: لا يزار، أولا يسافر لزيارته أولا يستغاث به بعيد عن الأدب معه نسأل الله العافية ".
وليعلم: قبل الشروع في الكلام مع هذا المعترض أن شيخ الإسلام رحمه الله لم يحرم زيارة القبور على الوجه المشروع في شيء من كتبه، ولم ينه عنها، ولم يكرها بل استحبها، وحض عليها. ومناسكه ومصنفاته طافحة بذكر استحباب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وسائر القبور.
قال [شيخ الإسلام] رحمه الله تعالى في بعض مناسكه:
باب زيارة قبل النبي صلى الله عليه وسلم
إذا أشرف على مدينة النبي صلى الله عليه وسلم قبل الحج، أو بعده فليقل ما تقدم، فإذا دخل استحب له أن يغتسل (1) ، نص عليه الإمام أحمد، فإذا دخل المسجد بدأ برجه اليمنى (2) ، وقال: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك (3) ، ثم يأتي الروضة بين القبر والمنبر فيصلي بها ويدعو بما شاء، ثم يأتي قبل النبي صلى الله عليه وسلم فيستقبل جدار القبر ولا يمسه، ولا يقبله، ويجعل القنديل الذي في القبة عند القبر على رأسه فيكون قائماً وجاه النبي صلى الله عليه وسلم، ويقف متباعداً كما يقف ل ظهر في حياته بخشوع وسكون منكس الرأس (4) ، غائض الطرف، مستحضراً بقلبه جلالة موقفه ثم يقول: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا نبي الله وخيرته من خلقه، السلام عليك يا سيد المرسلين، وخاتم النبيين وقائد الغر المحجلين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله وأشهد أنك قد بلغت رسالات ربك ونصحت لأمتك ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وعبدت الله حتى أتاك اليقين، فجزاك الله أفضل ما جزى نبياً ورسولاً عن أمته، اللهم أته الوسيلة والفضيلة وابعثه الله مقاماً محموداً الذي وعدته بغبطة به الأولون والآخرون، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد
__________
(1) هذا دليل عليه فيما أعلم.
(2) الحديث الذي جاء نصاً في هذه المسألة ضعيف وقد بينت سبب ضعفه في رسالتي (اتحاف الراكع الساجد بأذكار الدخول والخروج من المساجد) ولكن يستدل بحديث عائشة: (كان يعجبه التيامن في شأنه كله) وهو عام.
(3) راجع رسالتنا السالفة الذكر.
(4) بل يكون في حالة طبيعية مع استشعار مكانة النبي عليه الصلاة والسلام فما كان جميع الصحابة يدخلون منكسي الرؤوس.

الصفحة 17