كتاب الصارم المنكي في الرد على السبكي

عمر حفص بن سليمان الأسدي المقري الكوفي، وسليمان الأسدي المقري الكوفي، وسليمان يكنى أبا دود، ذاهب الحديث.
فقد تبين بما ذكرناه من هذه الروايات وكلام أئمة الجرح والتعديل أن حفص بن سليمان راوي هذا الحديث هو حفص بن أبي داود وهو حفص القاري صاحب عاصم، وأنه لا يصلح الاحتجاج به ولا الاعتماد على روايته، وإن من توهم أن هذا الحديث رواه رجلان مشتركان في الاسم، واسم الأب وكنيته أحدهما ثقة والآخر ضعيف، فقد أخطأ بيناً، وارتكب أمراً منكراً لم يتابعه أحد عليه ولم يسبقه أحد إلى توهمه.
وإني لأتعجب من هذا الرجل المعترض كيف يرتكب مثل هذا التخليط في الكلام والتلبيس في القول بعد التعب العظيم والكدح الكثير، ثم يزعم مع هذا أن كلام شيخ الإسلام مشتمل على التخليط وعدم البيان وتبعيد المعنى عن الأفهام، فإنه قال في أثناء كلامه في كتابه الذي ألفه في الرد على الشيخ، وقد وقفت له على كلام طويل في ذلك يعني في التوسل والاستغاثة رأيت في الرأي القويم، أن أميل عنه إلى الصراط المستقيم ولا أتبعه بالنقض والإبطال، فإن دأب العلماء القاصدين لإيضاح الدين وإرشاد المسلمين، تقريب المعنى إلى أفهامهم، وتحقيق مرادهم وبيان حكمه، ورأيت كلام هذا الشخص بالضد من ذلك فالوجه الإضرار عنه.
هذا كله قول المعترض على شيخ الإسلام في كلامه المتضمن لتجريد التوحيد وسد ذرائع الشرك دقيقة وجليلة وقد علم الخاص والعام أن كلام شيخ الإسلام في سائر أنواع علوم الإسلام فيه من التحرير والتحقيق وغاية البيان والإيضاح وتقريب المعاني إلى الأفهام وحسن التعليم والإرشاد إلى الطريق القويم ما يضيق هذا الموضع من ذكره.
ويمكن الإنسان أن يقابل هذا المعترض على ما في كلامه من الكذب وسوء الأدب بأضعاف ما قاله ويكون صادقاً في قوله مصيباً في عمله، وليس المقصود هنا مقابلته على ما في كلامه هذا من الجور والعدوان والظلم، وإنما المراد تبين خطئه في الكلام على حديث حفص بن سليمان المذكور، وما وقع منه من التخليط والتلبيس وقد حصل ذلك ولله الحمد.
فإن قيل: قد روي هذا الحديث من وجه آخر عن ليث بن أبي سليم.
قال أبو بكر محمد بن خلف بن زنبور الكاعدي: أخبرنا أبو بكر محمد بن السري بن

الصفحة 71