كتاب أحمد عز الدين البيانوني الداعية المربي

وكان كثير من الناس يؤيرون الدراسة في دار المعلمين، لأنها قريبة
المنال، خفيفة الأعباء والتكاليف، يسرع الفتى فيها إلى الحياة الوظيفية
والاجتماعية.
وقد هتمَ والده الشيخ عيسى مزات عديدة أن يخرجه من المدرسة لينسبه
إلى المدرسة (الخسروية)، او إلى اي مدرسة شرعية أخرى، ولكنّ الشتغ
محمد ابا النصر رحمه الله تعالى، كان يثنيه عن ذلك، ويقول له: " إنّ ولدنا
أحمد. . لا خوفَ عليه " (1).
ونبغ الشيخ أحمد بين اقرانه في جميع المواد الدراسية والنشاطات، كان
من المتفوقين، ثم تخرّج في دار المعلمين، ودخل الحياة العملية معقماُ،
وآما العلوم التي برز فيها: فقد برز الشيخ أحمد رحمه اللّه في حياته
الدراسية في عدة علوم، كان على رأسها علوم اللغة العربية نحوِها وصرفِها
وآدابِها، فكان صاحبَ ذوقٍ لغوي مرهف، بعيد عن الأساليب الدخيلة،
المتأثرة باللغات الأجنبية وأساليبها.
سألته مرةً عن سر قؤته اللغوية، وفصاحة تعبيره، وجزالة أسلوبه، وأنا
اريدُ أن يدلني على بعض الكتب القديمة لأعلام الكتّاب والادباء، فقال لي:
"لقد قرآنا في مرحلة الطلب لهؤلاء كثيراً، واستفدنا من أساليبهم، ولكني لم أرَ
انفع من كثرة التلاوة للقراَن الكريم مع التدبز لمعانيه، والتأمل في بديع تركيب
جمله وآياته، والتعفق في فهم آسلوبه، وتعبيره عن شتى المعاني، باللفظ
المعجز، والجملة الموجزة، التي لا يمكن التعبيرُ عما تحتويه من المعاني، إلا
بكلام كثير طويل ".
(1)
سمعت ذلك من الشيخ أحمد رحمه الله في مناسبات عديدة، والئيخ أحمد هو
ولد الشيخ محمد أبي النصر من الرضاعة، كما أنه بمثابة ولده من حيث التربية
والتوجيه.
14

الصفحة 14