كتاب أحمد عز الدين البيانوني الداعية المربي

وكان يخدم نفسه بنفسه، ولا يرضى ان يخدمه أحد من إخوانه، فكثيراً ما
كنا نرا 5 يحمل من السوق حاجاته، فلا نستطيع بشقّ الأنفس أن نحمل عنه،
وستشهد لنا بقول علي رضي الله عنه: " صاحب الحاجة احق بحملها".
وإذا تمكن احد إخوانه فحمل عنه بعض حاجاته فلا يعطيه إلا تألفأ لقلبه،
ثم يكرمه بشيء مما معه، ولا يكتفي بشكره باللسان، فإذا أبى قال له: " سايرتك
فساير ني ".
وكان يبدا من لقيه بالسلام، وبثاشة الوجه، ولو كان شاباً صغير السنّ.
وفي الاعتكاف كان ينام بيننا، ولا يتميز عنا بشيء.
وفي الرحلات كنت ترا 5 أكثرنا حملأ للمتاع، وأعظمنا تحمّلا للمشاقّ،
يخدم إخوانه، ويعين اهل المطبخ في اعمالهم من طبخ الطعام، وغسيل
الاواني، وتهيء الطعام، وترتيب المكان.
وكان في بيته يخدم أهله، فكثيراَ ما كان يخرج إلينا وعلى يديه اثار ذلك،
وهو من اتباع السثة، وحُسن العشرة.
وكان يخدم ضيفه بنفسه، ويقدّم له الفاكهة المقشّرة، وربما أ طعمه بيده.
5 - حدته وكضبه، ورحمته وضفقته:
كان في الشيخ رحمه الله حِذة هي من طبعه وخِلقته، وهي لا تضير المؤمن
ما لم يسئ إلى احد، او تدخله في باطل، أو تجعله يحيد عن الحقّ، والمؤمن
سرعان ما يفيء إلى الحق إن لخت به الحِدة، او أخرجته عن مقتضى الحكمة،
فيهدأ طبعه، وتسكن نفسه، ويعالج الموقف بالحكمة وحسن الخلق.
وأما غضبه؟ فما رأيته رحمه الله غضب لنفسه قط، أو انتصر لها، وإنما
كان غضبه دثه تعالى، ورضاه دئه تعالى، وبشتدّ غضبه ويزداد على حسب عِظَمِ
المنكر وخطره.
78

الصفحة 78