كتاب أحمد عز الدين البيانوني الداعية المربي

وواضح من كلامه رحمه الله آن سبيل الإصلاح ان تعود للمساجد
رسالتها، وان ينهض العلماء والدعاة من جانب المحراب، ومن آحب البقاع إلى
الله، داعين إلى دين الله، يعقدون بين الناس أواصر الحمث والأخوّة في الله، على
التناصح والتعاون على مرضاة الله.
وكان يرى أن كئيرأ من العاملين ل! سلام في عصرنا، يقضرون عن تمثيل
الإسلام تمثيلأ كاملأ وهم يدعون إليه، أو يخطئون الطريقَ الصحيح في الدعوه
والعمل، فلا تتلاءم دعوتهم مع الواقع المعاصر، أو تقصُرُ معالجتهم عق أدواء
الأمة وعللها، فلا تثمر الثمرة المطلوبة، يقول رحمه اللّه: " نرى كثيراً ممن يدعي
الغيرةَ على الإسلام، والعملَ للإسلام، لم يمهدوا الأسباب الموصلة إلى هذه
الأمنية الغالية، بل ساروا في طريق ملتوية واهمة لا تحقق لهم غاية، ولا تصل
بهم إ لى مقصود. . . " (1).
ويفصّل ذلك فيقول: "في المسلمين افراد وجماعات، انتسبوا إلى
التصوف، فتبوؤوا صدور مجالس، والتفّ حولهم ناس، فاكتفوا بمواعظ
يلقونها، ومجالس ذكر يقيمونها، فإذا فرغوا منها انفضق الناس عنها، وخرتجوا
من مجالسهم كما دخلوا، لم يقوم ذلك شيئاً من عوجهم، ولا من عوج بيوتهم،
ولا من سلوك نسائهم وأولادهم، ولا من تصرفاتهم في أعمالهم ومعاملاتهم.
ظنَ هؤلاء أنهم قاموا بواجب الدعوة إلى الإسلام بما فعلوا، وظن
الأتباع انهم على خير ما يمكن أن يكون عليه المسلمون اليوم، واغتزوا أنهم من
جماعة فلان او فلان. . ف! ذا أمروا بخير، او نهوا عن شر، تعقَلوا بفساد الزمان،
وعوج أهله، وأنَ تيار الفساد جارف، وعذروا أنفسهم في آثام لا عذر لهـ3
فيها. . وفي الناس اَخرون، أرادوا خدمة الإسلام، فكتبوا وخطبوا، وخططوا
مناهج، ورسموا الطريق إ لى بعيد، ولكنهم أغفلوا ا مر أنفسهم، فلم يبدؤوا بها،
ولم يحملوها على العمل بالإسلام، قبل ان يكونوا دعاة إليه، وبهذا أخطؤوا
(1) ينظر المرجع السابق، ص 17.
84

الصفحة 84