كتاب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (اسم الجزء: 4)

نعاجلهم إذا نهضوا إلينا ... بضرب يعجل المتسرّعينا
ترانا في فضافض سابغات ... كغدران الملا متسربلينا
وفي أيماننا بيض خفاف ... بها نشفي مراح الشّاغبينا
بباب الخندقين كأنّ أسدا ... شوابكهنّ يحمين العرينا
فوارسنا إذا بكروا وراحوا ... على الأعداء شوسا معلمينا
ويعلم أهل مكّة حين ساروا ... وأحزاب أتوا متحزّبينا
لننصر أحمد والله حتّى ... نكون عباد صدق مخلصينا
بأنّ الله ليس له شريك ... وأنّ الله مولى المؤمنينا
فإمّا تقتلوا سعدا سفاها ... فإنّ الله خير القادرينا
سيدخله جنانا طيّبات ... تكون مقامة للصّالحينا
كما قد ردّكم فلّا شريدا ... بغيظكم خزايا خائبينا
خزايا لم تنالوا ثمّ خيرا ... وكدتم أن تكونوا دامرينا
بريح عاصف هبّت عليكم ... وكنتم تحتها متكمّهينا
وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه يجيب عبد الله بن الزّبعرى عن قصيدة قالها:
هل رسم دارسة المقام يباب ... متكلّم لمحاور بجواب
قفر عفا رهم السّحاب رسومه ... وهبوب كلّ مطلّة مرباب
ولقد رأيت بها الحلول يزينهم ... بيض الوجوه ثواقب الأحساب
فدع الدّيار وذكر كلّ خريدة ... بيضاء آنسة الحديث كعاب
وأشك الهموم إلى الإله وما ترى ... من معشر ظلموا الرّسول غضاب
ساروا بجمعهم إليه وألّبوا ... أهل القرى وبوادي الأعراب
جيش عيينة وابن حرب فيهم ... متخمّطين بحلبة الأحزاب
حتّى إذا وردوا المدينة وارتجوا ... قتل الرّسول ومغنم الأسلاب
وغدوا علينا قادرين بأيدهم ... ردّوا بغيظهم على الأعقاب
بهبوب معصفة نفرّق جمعهم ... وجنود ربّك سيّد الأرباب
فكفى الإله المؤمنين قتالهم ... وأثابهم في الأجر خير ثواب
من بعد ما قنطوا ففرّق جمعهم ... تنزيل نصر مليكنا الوهّاب
وأقرّ عين محمّد وصحابه ... وأذلّ كلّ مكذّب مرتاب
عاتي الفؤاد موقّع ذي ريبة ... في الكفر ليس بطاهر الأثواب
علق الشّقاء بقلبه ففؤاده ... في الكفر آخر هذه الأحقاب

الصفحة 393