كتاب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (اسم الجزء: 4)

وقال كعب بن مالك رضي الله عنه يجيبه أيضا:
أبقى لنا حدث الحروب بقيّة ... من خير نحلة ربّنا الوهّاب
بيضاء مشرقة الذّرى ومعاطنا ... حمّ الجذوع غزيرة الأحلاب
كاللّوب يبذل جمّها وحفيلها ... للجار وابن العمّ والمنتاب
ونزائعا مثل السّراح نما بها ... علف الشّعير وجزّة المقضاب
عري الشّوى منها وأردف نحضها ... جرد المتون وسائر الآراب
قودا تراح إلى الصّياح إذا غدت ... فعل الضّراء تراح للكلاب
وتحوط سائمة الدّيار وتارة ... تردي العدا وتؤوب بالأسلاب
حوش الوحوش مطارة عند الوغى ... عبس اللّقاء مبينة الإنجاب
علفت على دعة فصارت بدّنا ... دخس البضيع خفيفة الأقصاب
يغدون بالزّغف المضاعف شكّه ... وبمترصات في الثّقاف صياب
وصوارم نزع الصّياقل غلبها ... وبكلّ أروع ماجد الأنساب
يصل اليمين بمارن متقارب ... وكلت وقيعته إلى خبّاب
وأغرّ أزرق في القناة كأنّه ... في طخية الظّلماء ضوء شهاب
وكتيبة ينفي القران قتيرها ... وتردّ حدّ قواحز النّشّاب
جأوى ململمة كأنّ رماحها ... في كل مجمعة ضريمة غاب
يأوي إلى ظلّ اللّواء كأنّه ... في صعدة الخطّيّ فيء عقاب
أعيت أبا كرب وأعيت تبّعا ... وأبت بسالتها على الأعراب
ومواعظ من ربّنا نهدي بها ... بلسان أزهر طيّب الأثواب
عرضت علينا فاشتهينا ذكرها ... من بعد ما عرضت على الأحزاب
حكما يراها المشركون بزعمهم ... حرجا ويفهمها ذوو الألباب
جاءت سخينة كي تغالب ربّها ... فليغلبنّ مغالب الغلّاب
قال ابن هاشم: حدّثني من أثق به قال: حدثني عبد الملك بن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: لمّا قال كعب بن مالك:
جاءت سخينة كي تغالب ربّها ... فليغلبنّ مغالب الغلّاب
قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد شكرك الله يا كعب على قولك هذا» .
وقال كعب بن مالك رضي الله عنه:
من سرّه ضرب يرعبل بعضه ... بعضا كمعمعة الأباء المحرق

الصفحة 394