كتاب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (اسم الجزء: 4)

فليأت مأسدة تسنّ سيوفها ... بين المذاد وبين جزع الخندق
دربوا بضرب المعلمين فأسلموا ... مهجات أنفسهم لربّ المشرق
في عصبة نصر الإله نبيّه ... بهم وكان بعبده ذا مرفق
في كلّ سابغة تخطّ فضولها ... كالنّهي هبّت ريحه المترقرق
بيضاء محكمة كأنّ قتيرها ... حدق الجنادب ذات شكّ موثق
جدلاء يحفزها نجاد مهنّد ... صافي الحديدة صارم ذي رونق
تلكم مع التّقوى تكون لبأسنا ... يوم الهياج وكلّ ساعة مصدق
نصل السّيوف إذا قصرن بخطونا ... قدما ونلحقها إذا لم تلحق
فترى الجماجم ضاحيا هاماتها ... بله الأكفّ كأنّها لم تخلق
نلقى العدوّ بفخمة ملمومة ... تنفي الجموع كفصد رأس المشرق
ونعدّ للأعداء كلّ مقلّص ... ورد ومحجول القوائم أبلق
تردي بفرسان كأنّ كماتهم ... عند الهياج أسود طلّ ملثق
صدق يعاطون الكماة حتوفهم ... تحت العماية بالوشيح المزهق
أمر الإله بربطها لعدوّه ... في الحرب إن الله خير موفّق
لتكون غيظا للعدوّ وحيّطا ... للدّار إن دلفت خيول النّزّق
ويعيننا الله العزيز بقوّة ... منه وصدق الصّبر ساعة نلتقي
ونطيع أمر نبيّنا ونجيبه ... وإذا دعا لكريهة لم نسبق
ومتى ينادي للشّدائد نأتها ... ومتى نرى الحومات فيها نعنق
من يتّبع قول النّبيّ فإنّه ... فينا مطاع الأمر حقّ مصدّق
فبذاك ينصرنا ويظهر عزّنا ... ويصيبنا من نيل ذاك بمرفق
إنّ الّذين يكذّبون محمّدا ... كفروا وضلّوا عن سبيل المتّقي
وقال كعب بن مالك رضي الله عنه أيضا:
ألا أبلغ قريشا أنّ سلعا ... وما بين العريض إلى الصّماد
نواضح في الحروب مدرّبات ... وخوض ثقّبت من عهد عاد
رواكد يزخر المرّار فيها ... فليست بالجمام ولا الثّماد
كأنّ الغاب والبرديّ فيها ... أجش إذا تبقّع للحصاد
ولم نجعل تجارتنا اشتراء ال ... حمير لأرض دوس أو مراد
بلاد لم تثر إلّا لكيما ... نجالد إن نشطتم للجلاد

الصفحة 395