كتاب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (اسم الجزء: 6)

قال ابن سيرين: كانت هذه القصة العرنيّين قبل أن تنزل الحدود. وعند ابن عوانة عن ابن عقيل عن أنس أنه صلب اثنين وسمل اثنين قال الحافظ: كذا ذكر ستة فقط فإن كان محفوظا فعقوبتهم كانت موزّعة. فأنزل اللَّه تبارك وتعالى: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ [المائدة 33] . فلم يسمل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عينا ولم يقطع لسانا ولم يزد على قطع اليد والرّجل ولم يبعث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بعثا بعد ذلك إلا نهاهم عن المثلة. وكان بعد ذلك يحث على الصدقة وينهى عن المثلة. قال محمد بن عمر وابن سعد: كانت اللّقاح خمس عشرة لقحة ذهبوا منها بالحناء.

تنبيهات
الأول: تقدم أن نفرا من عكل وعرينة بالواو العاطفة من غير شك. قال الحافظ: «وهو الصواب. وهي رواية البخاري في المغازي وإن وقع غيرها بأو» وزعم ابن التين تبعا للداودي أن عرينة هم عكل» . قال الحافظ. «وهو غلط بل هما قبيلتان متغايرتان: عكل قبيلة من تيم الرّباب بكسر الراء وتخفيف الموحدة: الأولى من عدنان، وعرينة من قحطان في بجيلة وقضاعة. فالذي في بجيلة- وهو المراد هنا- عرينة بن نذير- بفتح النون وكسر الذال المعجمة- ابن قسر- بقاف مفتوحة فسين مهملة ساكنة فراء- ابن عبقر، وعبقر أمّه بجيلة. والعرن حكّة تصيب الخيل والإبل في قوائمها.
ووقع عند عبد الرزاق بسند ساقط أن عكلا وعرينة من بني فزارة وهو غلط لأن بني فزارة من مضر، لا يجتمعون مع عكل وعرينة أصلا.
الثاني: ذكر ابن إسحاق أن قدومهم كان بعد غزوة ذي قرد، وكانت في جمادى الآخرة سنة ست. وذكرها البخاري بعد الحديبية، وكانت في ذي القعدة منها. وذكر محمد بن عمر إنها كانت في شوال منها، وتبعه ابن سعد، وابن حبّان وغيرهما.
الثالث: اختلف في أمير هذه السرية فقال ابن إسحاق والأكثرون: كرز- بضم الكاف وسكون الراء وزاي- ابن جابر الفهري- بكسر الفاء. وقال موسى بن عقبة إن أميرها سعيد- كذا عنده بزيادة ياء تحتية- والذي ذكره غيره سعد- بسكون العين- ابن زيد الأنصاري الأشهلي.
قال الحافظ، فيحتمل أنه كان رأس الأنصار، وكان كرز أمير الجماعة. وذكر بعضهم أن أمير هذه السرية جرير بن عبد اللَّه البجليّ، وتعقب بأن إسلامه كان بعد هذه السرية بنحو أربع سنين.

الصفحة 117