كتاب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (اسم الجزء: 6)

الباب السابع في سرية فيها سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه
روى الإمام أحمد عنه قال: لمّا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جاءته جهينة فقالوا له: إنك قد نزلت بين أظهرنا فأوثق لنا حتى نأتيك وقومنا. فأوثق لهم فأسلموا. قال: فبعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب [أي من السنة الثانية] ولا نكمل مائة. وأخبرنا أن نغير على حيّ من كنانة إلى جنب جهينة، فأغرنا عليهم، فكانوا كثيرا، فلجأنا إلى جهينة فمنعونا، وقالوا: لم تقاتلون في الشهر الحرام؟ فقال بعضنا لبعض: ما ترون؟ فقال بعضنا: نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخبره. وقال قوم: لا بل نقيم ههنا. وقلت أنا في أناس معي: لا، بل نأتي عير قريش فنقتطعها.
فانطلقنا إلى العير [وكان الفيء إذ ذاك من أخذه فهو له] وانطلق أصحابنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبروه الخبر، فقام غضبان محمّرا وجهه فقال: «أذهبتم من عندي جميعا وقمتم متفرقين وإنما أهلك من كان قبلكم الفرقة، لأبعثن عليكم رجلا ليس بخيركم، أصبركم على الجوع والعطش» [ (1) ] . فبعث علينا عبد الله بن جحش أميرا فكان أول أمير في الإسلام.

الباب الثامن في سرية أمير المؤمنين المجدّع في الله تعالى عبد الله بن جحش رضي الله تعالى عنه في رجب من السنة الثانية إلى بطن نخلة
دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى العشاء فقال: «واف مع الصبح، معك سلاحك، أبعثك وجها» . قال: فوافيت الصبح وعليّ قوسي وسيفي وجعبتي ومعي درقتي. فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح بالناس، ثم انصرف، فيجدني قد سبقت واقفا عند بابه، وأجد نفرا من قريش. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بن كعب، فدخل عليه، فأمره فكتب كتابا، ثم دعاني فأعطاني صحيفة من أديم خولانيّ وقال: «قد استعملتك على هؤلاء النّفر، فامض حتى إذا سرت ليلتين فانظر كتابي هذا ثم امض لما فيه» . قلت: يا رسول الله: أي ناحية؟ قال: «اسلك النجدية تؤم ركبة» .
قال ابن إسحاق وأبو عمرو: وأرسل معه ثمانية رهط من المهاجرين، ليس فيهم أنصاري وهم: أبو حذيفة بن عتبة، وسعد بن أبي وقاص، وعكّاشة بن محصن، وعتبة بن غزوان، وعامر بن ربيعة، وواقد بن عبد الله الليثي، وخالد بن البكير، وسهيل بن بيضاء.
__________
[ (1) ] ذكره الهيثمي في المجمع 6/ 69 وعزاه لأحمد وقال: ورواه ابنه عنه وجادة ووصلة عن غير أبيه ورواه البزار وفيه المجالد بن سعيد وهو ضعيف عند الجمهور ووثقه النسائي في رواية وبقية رجال أحمد رجال الصحيح.

الصفحة 16