كتاب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (اسم الجزء: 6)

الباب الرابع عشر في بعثة صلّى اللَّه عليه وسلم عبد اللَّه بن أنيس بن أسعد الجهني القضاعي الأنصاري السلمي، بفتحتين حليف بني سلمة. من الأنصار، رضي اللَّه تعالى عنه إلى سفيان بن خالد [بن نبيح] بعرنة
روى أبو داود بإسناد حسن، والبيهقي [ (1) ] وأبو نعيم عن عبد اللَّه بن أنيس رضي اللَّه تعالى عنه، ومحمد بن عمر عن شيوخه، والبيهقي وأبو نعيم عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب، وعن عروة قال شيوخ محمد بن عمر: خرج عبد اللَّه بن أنيس من المدينة يوم الاثنين لخمس خلون من المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهرا من مهاجر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قالوا- واللفظ لمحمد بن عمر- «بلغ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أن سفيان بن خالد بن نبيح الهذلي ثم اللّحياني، وكان ينزل عرنة وما والاها في أناس من قومه، وغيرهم يريد أن يجمع الجموع إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فضوى إليه بشر كثير من أفناء الناس» .
قال عبد اللَّه بن أنيس رضي اللَّه تعالى عنه: «دعاني رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: «إنه بلغني أن سفيان بن خالد بن نبيح يجمع لي الناس ليغزوني وهو بنخلة أو بعرنة فأته فاقتله» . فقلت: يا رسول اللَّه صفه لي حتى أعرفه فقال: «آية ما بينك وبينه أنك إذا رأيته هبته وفرقت منه ووجدت له قشعريرة وذكرت الشيطان» . قال عبد اللَّه وكنت لا أهاب الرجال فقلت: يا رسول اللَّه، ما فرقت من شيء قط. فقال: «بلى آية ما بينك وبينه ذلك أن تجد له قشعريرة إذا رأيته» . قال: واستأذنت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أن أقول. فقال: «قل ما بدا لك» . وقال: «انتسب لخزاعة» . فأخذت سيفي ولم أزد عليه وخرجت أعتزي لخزاعة حتى إذا كنت ببطن عرنة لقيته يمشي ووراءه الأحابيش. فلما رأيته هبته وعرفته بالنعت الذي نعت لي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم. فقلت: صدق اللَّه ورسوله، وقد دخل وقت العصر حين رأيته، فصليت وأنا أمشي أومي برأسي إيماء. فلما دنوت منه قال: «من الرجل؟» .
فقلت: «رجل من خزاعة سمعت بجمعك لمحمد فجئتك لأكون معك عليه» . قال:
«أجل إني لفي الجمع له» . فمشيت معه وحدّثته فاستحلى حديثي وأنشدته وقلت: «عجبا لما أحدث محمد من هذا الدين المحدث، فارق الآباء وسفّه أحلامهم» . قال: «لم ألق أحدا يشبهني ولا يحسن قتاله» . وهو يتوكأ على عصا يهدّ الأرض،. حتى انتهى إلى خبائه وتفرّق عنه أصحابه إلى منازل قريبة منه، وهم يطيفون به. فقال: «هلمّ يا أخا خزاعة فدنوت منه. فقال:
«اجلس» فجلست معه حتى إذا هدأ الناس ونام اغتررته.
وفي أكثر الروايات أنه قال: «فمشيت
__________
[ (1) ] أخرجه البيهقي في السنن 3/ 256 وفي الدلائل 4/ 42 وابن حبان (591) .

الصفحة 36