كتاب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (اسم الجزء: 6)

ذكر قتل زيد بن الدثنة رضي اللَّه تعالى عنه
قال ابن إسحاق وابن سعد: فاشترى زيدا صفوان بن أمية، وأسلم بعد ذلك ليقتله بأبيه أمية بن خلف وحبسه عند ناس من بني جمح ويقال عند نسطاس غلامه. فلما انسلخت الأشهر الحرم بعثه صفوان مع غلامه نسطاس إلى التنعيم وأخرجه من الحرم ليقتله، واجتمع رهط من قريش، منهم أبو سفيان بن حرب. فقال أبو سفيان حين قدّم ليقتل: «أنشدك اللَّه يا زيد أتحب أن محمدا عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه وأنك في أهلك؟» قال: «واللَّه ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأني جالس في أهلي» . فقال أبو سفيان: «ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا» . ثم قتله نسطاس، وأسلم بعد ذلك. وذكر ابن عقبة أن زيدا وخبيبا قتلا في يوم واحد وأن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سمع يوم قتلا وهو يقول: «وعليكما السلام» .

ذكر قصة قتل خبيب بن عدي رضي اللَّه تعالى عنه وما وقع في ذلك من الآيات
قال أبو هريرة كما في الصحيح [ (1) ] : «فاشترى خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل» .
وقال ابن عقبة: «واشترك في ابتياع خبيب، زعموا أبا إهاب بن عزيز، وعكرمة بن أبي جهل، والأخنس بن شريق [ (2) ] ، وعبيدة بن حكيم بن الأوقص، وأمية بن أبي عتبة، وصفوان بن أمية وبنو الحضرمي، وهم أبناء من قتل من المشركين يوم بدر» وقال ابن إسحاق: «فابتاع خبيبا حجير بن أبي إهاب التميمي حليف بني نوفل، وكان أخا الحارث بن عامر لأمه» . وقال ابن هشام: كان ابن أخته لا ابن أخيه عقبة بن الحارث بن عامر ليقتله بأبيه الحارث. قال أبو هريرة كما في الصحيح: «وكان خبيب بن عدي قتل الحارث يوم بدر» . انتهى. فجلس خبيب في بيت امرأة يقال لها ماويّة مولاة حجير بن أبي إهاب، وأسلمت بعد ذلك فأساؤوا إساءة. فقال لهم: «ما يصنع القوم الكرام هنا بأسيرهم» فأحسنوا إليه بعد.
وروى ابن سعد عن موهب مولى الحارث أنهم جعلوا خبيبا عنده، فكأنه كان زوج ماويّة. قالت ماوية كما عند محمد بن عمر، وموهب كما عند ابن سعد أنهما قالا لخبيب:
«ألك حاجة؟» فقال: «نعم لا تسقوني إلا العذاب ولا تطعموني ما ذبح على النّصب وتخبروني إذا أرادوا قتلى» .
__________
[ (1) ] أخرجه البخاري في الموضع السابق (4086) .
[ (2) ] الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب بن علاج بن أبي سلمة بن عبد العزيز بن غيرة بن عوف بن ثقيف الثقفي أبو ثعلبة حليف بني زهرة ... اسمه أبي وإنما لقب الأخنس لأنه رجع ببني زهرة من بدر لما جاءهم الخبر إن أبا سفيان نجا بالعير فقيل: خنس الأخنس ببني زهرة فسمي بذلك ثم أسلم الأخنس فكان من المؤلفة وشهد حنينا ومات في أول خلافة عمر ذكره أبو موسى عن ابن شاهين. الإصابة 1/ 23.

الصفحة 42