كتاب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (اسم الجزء: 6)

في ترجمة عامر بن فهيرة أن عامر بن الطفيل قتله، مع ذكره في ترجمة جبّار أنه هو الذي قتل ابن فهيرة واللَّه أعلم.
وروى البيهقي عنه أنه قال لما طعنته: فزت ورب الكعبة، قلت في قلبي: ما معنى قوله:
«فزت» ، أليس قد قتلته؟ قال: فأتيت الضحّاك بن سفيان الكلابي، فأخبرته بما كان وسألته عن قوله فزت، فقال بالجنة. فقلت ففاز لعمر اللَّه. قال وعرض عليّ الإسلام فأسلمت ودعاني إلى الإسلام ما رأيت من مقتل عامر بن فهيرة من رفعه إلى السماء علوا. وكتب الضحّاك بن سفيان إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يخبره بإسلامي وما رأيت من مقتل عامر بن فهيرة
فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم.
«إن الملائكة وارت جثته وأنزل علّيّين»
[ (1) ] قال البيهقي رحمه اللَّه تعالى: يحتمل أنه رفع ثم وضع ثم فقد بعد ذلك، ليجتمع مع رواية البخاري السابقة عن عروة، فإن فيها ثم وضع، فقد رويناه في مغازي موسى بن عقبة في هذه القصة. قال فقال عروة لم يوجد جسد عامر، يروون أن الملائكة وارته. ثم رواه البيهقي عن عائشة موصولا بلفظ (لقد رأيته بعد ما قتل رفع إلى السماء حتى أني لا نظر إلى السماء بينه وبين الأرض) [ (2) ] ولم يذكر فيها ثم وضع. قال الشيخ رحمه اللَّه تعالى: فقويت الطرق وتعددت لمواراته في السماء.
وقال ابن سعد: أخبرنا الواقدي حدثني محمد بن عبد اللَّه عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي اللَّه تعالى عنهم: قالت: «رفع عامر بن فهيرة إلى السماء ثم لم توجد جثته يروون أن الملائكة وارته ورواه ابن المبارك عن يونس عن ابن شهاب الزهري عن عروة.
ذكر إعلام اللَّه تبارك وتعالى رسوله صلى اللَّه عليه وسلم بخبر أصحابه وما نزل في ذلك من القرآن ووجد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عليهم.
روى الشيخان والإمام أحمد والبيهقي عن أنس، والبيهقي عن ابن مسعود رضي اللَّه تعالى عنهم، والبخاري عن عروة أن ناسا جاءوا إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقالوا: ابعث معنا رجالا يعلّمونا القرآن والسنة. فبعث إليهم سبعين رجلا من الأنصار يقال لها القراء، فتعرضوا لهم وقتلوهم قبل أن يبلغوا المكان. قالوا: «اللهم بلغ عنا نبينا- وفي لفظ إخواننا- إنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا» فأخبرنا جبرئيل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بذلك فقام رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فحمد اللَّه وأثنى عليه فقال: «إن إخوانكم قد لقوا المشركين واقتطعوهم فلم يبق منهم أحد، وإنهم قالوا: ربنا بلغ قومنا إنا قد رضينا ورضي عنا وأنا رسولهم إليكم إنهم قد رضوا ورضي عنهم» .
قال أنس: فكنا نقرأ أن بلّغوا قومنا عنا أن قد لقينا ربّنا فرضي عنا وأرضانا ثم نسخ بعد،
__________
[ (1) ] أخرجه ابن سعد في الطبقات 2/ 1/ 37.
[ (2) ] أخرجه البخاري في الموضع السابق من كتاب المغازي باب غزوة الرجيع.

الصفحة 60