كتاب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (اسم الجزء: 7)

أخذت بضبعيه فحولت وجهه إليه، وكشفت عن رأسه فإذا هو عثمان رضي الله تعالى عنه.
وروى الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في الأم، وابن أبي شيبة عن عبد الرحمن التّيمي قال: قلت: لأغلبنّ الليلة على المقام، فقمت فإذا رجل يزحمني متقنّعا فنظرت فإذا هو عثمان ابن عفان رضي الله تعالى عنه، والآثار في تقنّع عثمان كثيرة، والحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما.
روى سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن سعد في الطبقات عن العلاء قال: رأيت الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما يصلّي، وهو مقنّع رأسه.
وروى ابن سعد عن سليمان بن المغيرة قال: رأيت الحسن يلبس الطّيالسة.
وروى أيضا عن عمارة بن زادان قال: رأيت على الحسن طيلسانا أندقيّا، والآثار في ذلك عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كثيرة.
وأما عن التابعين فكثير منهم طاوس، قد قال هانئ بن أيوب الجعفي كان طاوس يتقنّع، رواه ابن سعد من طرق عنه، وعمر بن عبد العزيز رواه ابن سعد وابن عساكر، والحسن البصريّ، رواه ابن سعد من طرق، ومحمد بن واسع رواه ابن عساكر، وإبراهيم النّخعي رواه ابن أبي شيبة وميمون بن مهران رواه عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، ومسروق رواه ابن أبي شيبة، وسعيد بن المسيّب رواه ابن أبي شيبة.
وروى البيهقي في الشّعب عن خالد بن خداش قال: جئت إلى مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه فرأيت عليه طيلسانا فقلت: يا أبا عبد الله، هذا شيء أحدثته أم رأيت الناس عليه؟ قال: لا بل رأيت الناس عليه، والآثار عن السلف في ذلك كثيرة لا تنحصر وقد ذكر الشيخ منها جملة في كتابه الأحاديث الحسان، في فضل الطّيلسان، فمن أراد الزيادة على ما هنا فليراجعه.
الثالث: قال الحافظ رحمه الله تعالى: ما ذكره من قصة اليهود إنّما يصلح الاستدلال به في الوقت الذي تكون الطّيالسة من شعارهم، وقد ارتفع في هذه الأزمنة فصار داخلا في عموم المباح.
وقيل: إنما أنكر أنس رضي الله تعالى عنه ألوان الطيالسة لأنها كانت صفراء، وقال الحافظ- بعد أن أورد حديث أنس-: لا يلزم من ذلك كراهة لبس الطيلسان.
قال الشيخ رحمه الله تعالى: وهو واضح لأن الكراهة تحتاج إلى نهي خاص ولا وجود لها، وإذا لبس الكفار ملبوس المسلمين لا يكره للمسلمين لبسه.
قال الحافظ: وقيل المراد بالطّيالسة الأكسية، غير أن المراد في حديث أنس، وحديث سهل بن سعد الطّيلسان المقوّر.

الصفحة 291