كتاب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (اسم الجزء: 7)

وروى الترمذي وابن ماجه عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استقبله الرجل وصافحه، لا ينزع يده من يده، حتى يكون الرجل هو الذي ينزع، ولا يصرف وجهه عن وجهه، حتى يكون الرجل هو الذي يصرفه، ولم ير مقدّما ركبتيه بين يدي جليس له [ (1) ] .
وروى ابن سعد عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل عمل البيت أكثر ما يعمل الخياطة [ (2) ] .
وروى أبو ذر الهروي في دلائله، وابن عساكر من طرق عن ابن عباس والإمام أحمد، وأبو يعلى، وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وابن عساكر عن عائشة، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، وجبريل معه على الصّفا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي بعثك بالحق ما أمسى لآل محمد كفّ سويق، ولا سفة من دقيق» ، فلم يكن كلامه بأسرع من أن يسمع هدّة من السماء أفظعته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أمر الله تعالى القيامة أن تقوم؟» فقال: لا ولكن هذا إسرافيل نزل إليك حيث سمع الله تعالى كلامك هذا الملك ما نزل منذ خلق قبل الساعة،
وفي حديث ابن عباس، فأقبل جبريل يدنو من الأرض، ويدخل بعضه في بعض، ويتضاءل، قال أبو هريرة: فأتاه إسرافيل،
وفي حديث عائشة: أتاني ملك حجزته تساوي الكعبة فقال: إن الله تعالى سمع كلامك، وأمرني أن أعرض عليك- إن أحببت- أن أسير معك جبال تهامة زمردا، وياقوتا، وذهبا، وفضة فعلت، فإن شئت نبيا ملكا، وإن شئت نبيا عبدا، فالتفت إلى جبريل كالمستشير له، فأشار إليه جبريل بيده إن تواضع لربك، فعرفت أنه ناصح لي وقلت بل نبيا عبدا، ثلاث مرات، فشكر لي ربي عز وجل ذلك، فقال «أنت أول من تشق عنه الأرض، وأول شافع»
قال ابن عباس وعائشة: فما أكل رسول الله صلى الله عليه وسلّم طعاما متّكئا حتى لقي ربه [ (3) ] .
وروى ابن عساكر عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: أوتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام، فقلت: ألا تأكل وأنت متكئ أهون عليك؟ قالت فأصغى بجبهته، حتى كاد يمسح بها الأرض، قال: «آكل كما يأكل العبد، وأنا جالس» ، فما رأيته أكل متكئا حتى مضى لسبيله [ (4) ] .
وروى الدارقطني في الإفراد، وابن عساكر عن الحسن عن أنس رضي الله تعالى عنه
__________
[ (1) ] والبيهقي 10/ 192 والدلائل 1/ 320 وابن المبارك في الزهد (132) والطحاوي في المعاني 1/ 54.
[ (2) ] ابن سعد 1/ 2/ 91 وانظر الكنز (18520) .
[ (3) ] انظر اتحاف السادة المتقين 9/ 333.
[ (4) ] تقدم.

الصفحة 38