كتاب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (اسم الجزء: 7)

قال: لبس رسول الله صلى الله عليه وسلم الصوف واحتذى المخصوف، وأكل بشعا، ولبس خشنا، قال الحسن: البشع غليظ الشعير.
وروى ابن عساكر عن حبيب بن أبي ثابت رحمه الله تعالى قال: قلت لأنس بن مالك:
حدثنا بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تحدثنا عن غيره، وفي رواية عنه قال: سئل أنس عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كان يلبس الصوف، ويركب الحمار، ويجلس على الأرض، ويعتقل العنز، ويحلبها، ويأكل على الأرض،
ويقول: إنما أنا عبد، أجلس كما يجلس العبد، -
وسمعته يقول: «لو دعيت إلى كراع لقبلت» ،
وثيابه عليها، قال: وأحسبه: ينام عليها.
وروى ابن عدي بسند ضعيف عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يأكل متكئا، فقال: المتكئ من النعمة فاستوى قاعدا، فما رؤي بعد ذلك متّكئا، وقال: «إنما أنا عبد، آكل كما يأكل العبد، وأشرب كما يشرب العبد» .
وروى ابن عساكر- من طرق حسنها- عن يحيى بن سعد الأنصاري عن علي بن حسين رضي الله تعالى عنهما مرسلا قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم لو اتخذنا لك شيئا ترتفع عليه، تكلّم الناس، فقال: «لا أزال بينكم تطئون عقبي، حتى يكون الله عز وجل يرفعني، ثم قال: لا ترفعوني فوق حقي، فإن الله عز وجل اتخذني عبدا قبل أن يتخذني رسولا»
قال يحيى:
فذكرتها لسعيد بن المسيّب فقال: صدق، إن كان نبيا عبدا، وبعد ما اتخذه نبيا، كان عبدا.
وروى أيضا عن أبي موسى رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يلبس الصوف، ويركب الحمار، ويأتي مدعاة الضعيف [ (1) ] .
وروى أيضا وأبو يعلى عن أبي أيوب رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يلبس الصوف، ويركب الحمار، ويخصف النعل، ويرقع القميص، ويقول: «من رغب عن سنتي فليس مني» [ (2) ] .
وروى أيضا وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يعود المريض، ويتبع الجنازة، ويركب الحمار، ويردف معه، ويجيب دعوة المسكين ويوضع طعامه بالأرض، ويلعق أصابعه، وكان يوم خيبر على حمار، ويوم بني قريظة والنّضير على حمار خطامه من حبل من ليف، وتحته إكاف من ليف [ (3) ] .
وروى أيضا عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: كان في رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث
__________
[ (1) ] ابن سعد 1/ 2/ 150.
[ (2) ] انظر كنز العمال (18146) .
[ (3) ] انظر الشمائل للترمذي (173) .

الصفحة 39