كتاب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (اسم الجزء: 7)

خصال ليست في الجبارين، كان يركب الحمار وكان لا يدعوه أسود ولا أحمر إلا أجابه، وكان يجد التّمرة ملقاة، فيلقيها في فيه [ (1) ] .
وروى ابن عساكر عنه قال: كان العبد الأسود يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلّم فيأخذ بيده، فيمضي به حيث شاء، إلا قفل بحاجته.
وروى البخاري وابن عساكر عن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يعود مرضانا، ويتبع جنائزنا، ويواسينا بالقليل والكثير.
وروى عن البيهقي وابن عساكر عن سهل بن حنيف رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يأتي ضعفاء المسلمين، ويزورهم، ويعود مرضاهم، ويشهد جنائزهم [ (2) ] .
وروى ابن منده وابن عساكر عن عاصم بن حدرة قال: ما أكل رسول الله صلى الله عليه وسلّم على خوان قط، ولا مشى معه بسواد وما كان له بواب قط.
وروى ابن عساكر- وقال هذا حديث غريب جدا من حديث جرير- عن جرير بن عبد الله رضي الله تعالى عنه أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقام بين يديه، فاستقبلته رعدة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «هوّن عليك فإني لست بملك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد» .
وروى أبو الحسن بن الضحاك عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال: قلت لأبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه: ما ترى فيما قد ظهر من هذا الملبس، والمشرب، والمطعم؟ فقال: يا ابن أخي: كل لله، واشرب لله، والبس لله، واركب لله، وكل شيء من ذلك دخله هوى ومدح، أو مباهاة، أو رياء، أو سمعة فهو معصية وسرف، وتعالج في بيتك من الخدمة ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يعالج في بيته، كان يعلف الناضح، ويعتقل البعير، ويقم البيت، ويحلب الشاة، ويخصف النعل ويرقع الثوب، ويأكل مع خادمه، ويطحن عنه إذا دعاه، ويشتري التمر من السوق، فلا يمنعه الحياء أن يعلقه بيده، أو يجعله في طرف ثوبه، فيبلغ به إلى أهله، ويصافح الغني والفقير والصغير والكبير، ويسلم مبتدئا على من استقبله من صغير أو كبير، أسود أو أحمر، حر أو عبد، من أهل الصلاة لا يستحي أن يجيب إذا دعي، وإن كان أشعث أغبر، ولا يحقر ما دعى إليه، وإن لم يجد إلا حشفة لا يرفع عشاء لغذاء، ولا غذاء لعشاء، يصبح سبعة أبياته ما بات لهم كسرة خبز، ولا شربة سويق، هيّن المؤنة، لين الخلق،
__________
[ (1) ] أخرجه البيهقي في الدلائل 6/ 69.
[ (2) ] أخرجه الحاكم في المستدرك 2/ 466 وانظر الكنز (18491، 18647) .

الصفحة 40